31 مارس, 2025

خُدعوا - أليسوا فى النار؟

اصدارات المجلة

خُدعوا - أليسوا فى النار؟

أليسوا فى النار؟

حفظ كملف ورد ...

يحاول بعض الناس إما عمداً أو جهلاً أن يخدعوا أنظار المسلمين عما كان عليه السلف الصالح، ويَدّعون معرفتهم، ويتسببون فى حيرة الناس، حتى أنهم ليتسائلون:

 

أليسوا فى النار؟

 

كثير من الآراء حكمت على بعض الناس أنهم من أهل النار مثل ... أبناء الكفار الذين ماتوا وهم صغار والمجنون والأصم والشيخ الخرف ومن مات فى الفترة -والفترة هى الفترة الزمنية بين كل رسول والرسول الذى يليه واندثرت فيها الشرائع.

وهذه الآراء صدرت وأنهت حكمها دون الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله الأكرم صلوات ربى وسلامه عليه ودون اللجوء إلى ركن وثيق مع أن المولى سبحانه قال فى محكم التنزيل ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ الإسراء: 15، وفى تفسير هذه الآية يقول الإمام الحافظ ابن كثير وغيره من المفسرين: أنها تخبر عن عدل المولى سبحانه بأنه لا يعذب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسل، كما يقول سبحانه أيضاً ﴿كُلَّمَا أُلْقِى فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ  قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نزلَ اللهُ مِنْ شَىْءٍ﴾ الملك: 8-9، وغير ذلك من الآيات الدالة على أنه سبحانه لا يُدخل أحد النار إلا بعد قيام الحجة عليه.

وقد وردت عدة أحاديث فى هؤلاء منها: ما أخرجه الإمام أحمد عن الأسود بن سريع قال: أن نبى الله قال: (أَرْبَعَةٌ يَحْتَجُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَصَمُّ لا يَسْمَعُ شَيْئاً، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرِمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِى فَتْرَةٍ، فأمَّا الأصَمُ فَيَقُولُ: رَبِّ، قَدْ جَاءَ الإسْلامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئاً، وَأَمَّا الأحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ، قَدْ جَاءَ الإسْلامُ والصِبْيانُ يَحْذِفُونِى بِالْبَعْرِ، وَأَمَّا الهَرَمُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الإسْلامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئاً، وَأَمَّا الَّذِى مَاتَ فِى الْفَتْرَةِ فيَقُول ربِ، مَا أَتَانِى لَكَ رَسُولٌ. فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ ليُطِعنّه فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنِ ادْخُلُوا النَّارَ، فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لو دَخلوها لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْداً وَسَلاماً).

وأخرج ابن الجعد فى مسنده عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله  (الْهَالِكُ فِى الْفَتْرَةِ وَالْمَعْتُوهُ والمولود؛ يقول الهالك فِى الْفَتْرَةِ: لَمْ يَأْتِنِى كِتَابٌ. وَيَقُولُ الْمَعْتُوهُ: رَبِّ، لَمْ تَجْعَلْ لِى عَقْلاً أَعْقِلُ بِهِ خَيْراً وَلا شَرّاً. وَيَقُولُ الْمَوْلُودُ: رَبِّ لَمْ أُدْرِكِ الْعَقْلَ. فَتُرْفَعُ لَهُمْ نَارٌ فَيُقَالُ لَهُمْ: رِدُوهَا، قَالَ: فَيَرِدُهَا مَنْ كَانَ فِى عِلْمِ اللهِ سَعِيداً لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ، وَيُمْسِكُ عَنْهَا مَنْ كَانَ فِى عِلْمِ اللهِ شَقِيّاً لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ، فَيَقُولُ: إِيَّاى عَصَيْتُمْ، فَكَيْفَ لَوْ أَنَّ رُسُلِى أَتَتْكُمْ).

كما أخرج البزار وأبو يعلى فى مسنديهما عن أنس قال: قال رسول الله  (يُؤْتَى بِأَرْبَعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: بِالْمَوْلُودِ، وَالْمَعْتُوهِ، وَمَنْ مَاتَ فِى الفَتْرَة، وَالشَّيْخِ الْفَانِى الْهَرِمِ، كُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعُنُقٍ مِنَ النَّارِ: ابْرُزْ. وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنِّى كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَى عِبَادِى رُسُلاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنِّى رَسُولُ نَفْسِى إِلَيْكُمُ ادْخُلُوا هَذِهِ. قَالَ: فَيَقُولُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ: يَارَبِّ، أَنَّى نَدْخُلُهَا وَمِنْهَا كُنَّا نَفِرُّ؟ قَالَ: وَمَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ السَّعَادَةُ يَمْضِى فَيَقْتَحِمُ فِيهَا مُسْرِعاً، قَالَ: فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنْتُمْ لِرُسُلِى أَشَدُّ تَكْذِيباً وَمَعْصِيَةً، فَيُدْخِلُ هؤلاء الجنة، وهؤلاء النار، مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).

وأخرج البزار والحاكم فى مستدركه على شرط البخارى ومسلم عن ثوبان أن النبى  قال (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، جَاءَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْمِلُونَ أَوْثَانَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ تُرْسِلْ إِلَيْنَا رَسُولاً وَلَمْ يَأْتِنَا لَكَ أَمْرٌ، وَلَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً لَكُنَّا أَطْوَعَ عِبَادِكَ، فَيَقُولُ لَهُمْ رَبُّهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ تُطِيعُونِى؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَعْمِدُوا إِلَى جَهَنَّمَ فَيَدْخُلُوهَا، فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهَا وَجَدُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً، فَرَجَعُوا إِلَى رَبِّهِمْ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا -أَوْ: أَجِرْنَا- مِنْهَا، فَيَقُولُ لَهُمْ: أَلَمْ تَزْعُمُوا أَنِّى إِنْ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ تُطِيعُونِى؟ فَيَأْخُذُ عَلَى ذَلِكَ مَوَاثِيقَهُمْ. فَيَقُولُ: اعْمَدُوا إِلَيْهَا، فَادْخُلُوهَا. فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذَا رَأَوْهَا فَرِقوا وَرَجَعُوا، فَقَالُوا: رَبَّنَا فَرِقنا مِنْهَا، وَلا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَدْخُلَهَا فَيَقُولُ: ادْخُلُوهَا دَاخِرِينَ فَقَالَ نَبِى اللهِ: لَوْ دَخَلُوهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ كَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْداً وَسَلاماً).

وأخرج الطبرانى فى الأوسط والسيوطى فى جمع الجوامع عن معاذ بن جبل عن النبى  قال (يؤتى يوم القيامة بالممسوخ عقلاً وبالهالك فى الفترة وبالهالك صغيراً فيقول الممسوخ عقلاً: يارب لو آتيتنى عقلاً ما كان من آتيته عقلاً بأسعد بعقله منى، وذكر فى الهالك فى الفترة والصغير نحو ذلك، فيقول الرب: إنى آمركم بأمر فتطيعون؟ فيقولون: نعم، فيقول: اذهبوا فادخلوا النار، قال: ولو دخلوها ما ضرتهم، فتخرج عليهم فرائص فيظنون أنها قد أهلكت ما خلق الله من شئ، فيرجعون سراعاً، ثم يأمرهم الثانية فيرجعون كذلك، فيقول الرب: قبل أن أخلقكم علمت ما أنتم عاملون، وعلى علمى خلقتكم، وإلى علمى تصيرون، ضميهم، فتأخذهم).

وهناك آراء كثيرة لأقطاب الفقه والفتوى فى أزمنة مختلفة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: ما قاله القاضى تاج الدين السبكى فى شرح مختصر ابن الحاجب حول مسألة من لم تبلغه الدعوة: مسألة من لم تبلغه الدعوة عندنا يموت ناجياً، ولا يُقاتل حتى يُدعى إلى الإسلام، وهو مضمون بالكفارة والدية، ولا يجب القصاص على قاتله على الصحيح.

وقال البغوى فى التهذيب: من لم تبلغه الدعوة فلا يجوز قتله قبل أن يُدعى إلى الإسلام، فإن قُتل قبل أن يُدعى إلى الإسلام وجب فى قتله الدية والكفارة.

وقال الإمام الغزالى فى البسيط: من لم تبلغه الدعوة يضمن بالدية والكفارة لا بالقصاص على الصحيح، لأنه ليس مسلماً على التحقيق، وإنما هو فى معنى المسلم.

وقال ابن الرفعة فى الكفاية: لأنه مولود على الفطرة ولم يظهر منه عناد.

وفى مسألة أطفال المشركين: قال أبو داود عن يزيد بن أبان قال: قُلْنَا لأَنَسٍ: يَاأَبَا حَمْزَةَ، مَا تَقُولُ فِى أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ  (لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ فَيُعَذَّبُوا بِهَا فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُجَازُوا بِهَا فَيَكُونُوا مَنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْجَنَّةِ هُمْ مَنْ خَدَمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

وقال الإمام النووى: المذهب الصحيح المختار الذى صار إليه المحققون أنهم فى الجنة لقوله تعالى ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ وإذا كان لا يعذب البالغ لكونه لم تبلغه الدعوة فغيره أولى، وهذا المسلك خاص بمن لم تبلغه دعوة نبى أصلاً.

ومما قال الإمام فخر الدين الرازى: قوله سبحانه ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ نفى التعذيب إلى غاية البعثة.

ونختم بما ورد فى الصحيحين عن أبى هريرة  قال قال رسول الله  (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدانه ويُنَصِّرَانه ويُمَجِّسانه).

وقد أخرج الإمام أحمد فى المسند وأبو داود فى السنن والبيهقى فى شعب الإيمان والحافظ السيوطى فى جمع الجوامع عن ابن عباس قال قال رسول الله  (النَّبِى فِى الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِى الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِى الْجَنَّةِ، وَالْوَئِيدُ فِى الْجَنَّةِ).

فمن العلماء من ذهب إلى التوقف عن الخوض فى هذا الموضوع استناداً لهذا الحديث الشريف، ومن العلماء من جزم لهم بالجنة إستناداً لهذا الحديث الشريف أيضاً، ومنهم من ذهب أنه يمتحنون يوم القيامة فى العرصات فمن أطاع دخل الجنة وانكشف علم الله فيهم بسابق السعادة، ومن عصى دخل النار وانكشف علم الله فيه بسابق الشقاوة.

وأما الأبوان الشريفان لحضرة النبى المختار  وكذا أجداده صلوات ربى وسلامه عليه فسيتم تسطير مقالات منفردة عنهم جميعاً فى لقاءات عدة قادمة إن شاء المولى سبحانه وتعالى.

محمد المصرى

...

التعليقات عدد التعليقات (0)

أضف تعليق


كروت معايده

هذا القسم خاص بنشر تصاميم الكروت للمناسبات والحوليات من ابداعات الأحباب

المشاركات

صفحات التواصل هى لتبادل التعليقات و المقترحات و الأراء بين الإخوه, و يمكنك استخدام النموذج فى أخر الصفحه لإرسال مشاركتك علماً بأن هذه المشاركات تراجع قبل عرضها على الصفحات.

ألبوم الصور

لمحات ونسائم