التفسير والتاويل
05 ديسمبر 2020
عبدالستار الفقي ...
يقول الإمام فخر الدين في القصيدة رقم ٣٢
9- كِتَابٌ كَرِيمٌ جَدُّهَا مِنْ أَبٍ لَهَا *** وَمَوْئِلُهُا مِنْ بَطْنِهِ تَشْرَحُونَهَا
وهنا يوجه الإمام فخر الدين أبناءَه الى معرفة أن القرآن الكريم هو مرجع علومه وقصائده وهو أصل لها ، ويطلب منهم أن يشرحونها من بطنه ، وبطن القرآن الكريم هو تأويله ، فإن للقرآن الكريم ظاهرا وباطنا، فقد ورد في الحديث الشريف عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن )، ويقول صلى الله عليه وسلم : « لِكلِّ آيةٍ ظَاهرٌ وبَاطِنٌ وحَدٍّ ومَطْلَع » وورد في تفسير الثعلبي : سمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبي يقول : سمعت أبا الحسن الأقطع وكان حكيماً يقول : صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لكلّ آية ظهر وبطن ولكل حرف حدّ ومطلع » ،
يقول الإمام فخر الدين في الشطر الثاني من البيت رقم 9/32: .... وَمَوْئِلُهُا مِنْ بَطْنِهِ تَشْرَحُونَهَا
والمقصود بالبطن: هو علم إيمان القلوب ومعارفها وأحوالها، أو علم بحقائق الإيمان الباطنة، وهذا أشرف من العلم بمجرّد أعمال الإسلام الظاهرة.
- وموئل الشيئ أي مرجعه الذي يرد إليه ، فموئل علوم الإمام فخر الدين ومصدرها ومرجعها هو باطن القرآن الكريم أي تأويله ،
وهناك اختلاف بين التفسير والتأويل:
فالتفسير : علم نزول الآية، وشأنها، وقصتها، والأسباب التي نزلت فيها،وهذا محظور على الناس كافة القول فيه إلا بالسماع والأثر.
- وأما التأويل : فصرف الآية إلى معنى تحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه يوافق الكتاب والسنة : فالتأويل يختلف باختلاف حال المؤول ... من صفاء الفهم ، ورتبة المعرفة، ونصيب القرب من الله تعالى.
وعن التأويل يقول سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه :
" من فهَّمَهُ الله تعالى في كتابه أعطاه تأويل كل حرف منه ، وما هو ؟، وما معناه؟، وما سبب كل حرف ، وما صفة كل حرف ؟ وعلم المكتوب من الحروف في العلو والسفل ، والعرش والكرسي والسماء والماء والفلك والهواء والأرض والثري ".
ولذلك لما سُئِلَ الإمام على كرم الله وجهه : "هل خصَّكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ؟ قال رضي الله عنه: لا ، إلا فهْما يُؤْتاه العبد فى كتاب الله عز وجل".
...