02 أبريل, 2025

7- والله قد كتب الصيام بفضله

7- والله قد كتب الصيام بفضله

30 أبريل 2020
إدارة المجلة ...

7- والله قد كتب الصيام بفضله... وعوداً إلى بدءٍ، ولما كان الله سبحانه وتعالى قد جعل هذه الطائفة -أي الصوفية- صفوة أوليائه، وفضَّلهم على الكافة من عباده بعد رسله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم وجعل قلوبهم معادن أسراره واختصَّهم من بين الأمة بطوالع أنواره، فهم الغياث للخلق، والدائرون في عموم أحوالهم مع الحقِّ بالحقِّ؛ صفَّاهم من كدورات البشرية، ورقَّاهم إلى محل المشاهدات بما تجلى لهم من حقائق الأحدية، ووفَّقهم للقيام بآداب العبودية، وأشهدهم مجاري أحكام الربوبية، فقاموا بأداء ما عليهم من واجبات التكليف وتحققوا بما مَنَّة سبحانه لهم من التقليب والتصريف، ثم رجعوا إلى الله سبحانه وتعالى بصدق الافتقار ونعت الانكسار، ولم يتَّكِلوا على ما حصل منهم من الأعمال أو صفا لهم من الأحوال، علماً منهم بأنه جلَّ وعلاَّ يفعل ما يريد ويختار من يشاء من العبيد، لا يحكم عليه خلق، ولا يتوجه عليه لمخلوق حقَّ ثوابه ابتداء فضل، وعذابه حكم بعدل، وأمره قضاء فصل؛ فكان الصيام عندهم -كما سبق ذكره- من أجل تزكية النفس الإنسانية وتطهيرها وتهذيب الجوارح ليكون معراجاً لهم إلى حضرة القدس فتشع روح العبد بنورانية الحقِّ، لهذا كان الجوع من صفات القوم، وهو أحد أركان المجاهدة؛ فإنَّ أرباب السلوك تدرجوا إلى اعتياد الجوع والإمساك عن الأكل، ووجدوا ينابيع الحكمة في الجوع، وكثرت الحكايات عنهم في ذلك مستدلين بالهدي النبوي الشريف، سائرين على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ فقد أورد سيدي الإمام القشيري رضي الله عنه في رسالته: أخبرنا علي بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال: حدثنا عبدالله بن أيوب قال: حدثنا أبوالوليد الطيالسي قال: حدثنا أبوهاشم صاحب الزعفراني قال: حدثنا محمد بن عبدالله، عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثه قال: جاءت فاطمة رضي الله عنها، بكسرة خبز لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما هذه الكسرة يا فاطمة؟) قالت: قرص خبزته ولم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة؛ فقال: (أما إنَّه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام). وأورد سيدي الإمام السهروردي رضي الله عنه، عن أم المؤمنين سيدتنا السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أديموا قرع باب الجنة يفتح لكم)، قلت: وكيف نديم قرع باب الجنة يا رسول الله؟ قال:(بالجوع والظمأ). وذكر سيدي أبوطالب المكي رضي الله عنه: (وفي خبر عيسى عليه السلام: يا معشر الحواريين جوعوا بطونكم، وعطشوا أكبادكم، وأعروا أجسادكم لعل قلوبكم ترى الله عزَّ وجلَّ). وقال سيدي الإمام عبدالكريم القشيري رضي الله عنه في الرسالة: (وأوحى الله سبحانه إلى داود عليه السلام: يا دواد حذر، وأنذر أصحابك أكل الشهوات، فإنَّ القلوب المعلة بشهوات الدنيا عقولها عني محجوبة). فالجوع، كما ذكر سيدي الإمام أبوحامد الغزالي رضي الله عنه، ينقص دم القلب ويبيضه وفي بياضه نوره ويذيب شحم الفئاد وفي ذوبانه رقته ورقته مفتاح المكاشفة. وبالتأكيد عكس الجوع هو الشبع والذي يضفي بدوره المزيد من الكثافة على الروح فتضيق في داخل الأبدان بدلاً من أن تعرج في معارج أهل الله تعالى، وتسوم في ملأ علا؛ فكان أن كتب الله سبحانه وتعالى الصيام بفضله؛ يقول سيدي الإمام فخرالدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه: وَاللَّهُ قَدْ كَتَبَ الصّيَامَ بِفَضْلِهِ كَيْ لاَ تَضيِقَ الروحُ بِالأَبْدَانِ 💫 علوم وثقافة - دكتور بهاء الدين ماهر ...

التعليقات عدد التعليقات (0)

أضف تعليق